الأصل أن يقال "شهوة الطعام". أما شهيّة فمؤنّث شهيّ أي لذيذ أما الشهيّة بمعنى شهوة ورغبة الطعام فهي مولّدة عامية أقرّها مجمع القاهرة لشيوعها بين مثقفي المشارقة، لتدخل بذلك المعاجم الحديثة وعلى رأسها الوسيط.
وأصوب منها قول المغاربة "شاهية" على وزن فاعِلة مثل قولهم شاهية طيبة. وقد ذكرها الزبيدي في تاج العروس قال: (والشاهِيَةُ: الشَّهْوةُ، مصْدَرٌ كالعاقِبَةِ).
أما عند المتقدمين فلم أوفّق في العثور على استعمالها بهذا المعنى وإنما أكثر ما يرد في قولهم شاهية النسبة إلى شاه كأسماء الأعلام المركبة أو الشاه بمعنى الملك بالفارسية مثل الدراهم الشاهية والذراع الشاهية[1] وغيرها من المنسوبات في الفرق السياسية أو الجماعات الدينية.
يقول الأستاذ محمد العدناني في معجم الأخطاء الشائعة:
وجاء في مجلة لغة العرب العراقية :
ويُخطئون من يقول فلان ذو شهية كبيرة للطعام. ويرون أن الصواب: هو ذو شهوة كبيرة للطعام أو ذو شاهية كما تقول المعاجم. باعتبار أن الشهية مؤنث الشهيّ فتقول: طعام شهيّ وأطعمة شهية ... على صيغة فعيل التي بمعنى فاعل أو مفعول، وليست اسماً، فالاسم من الفعل: شَهِي يَشهى أو شها يَشهوْ: الشهوة، أو الشاهِية، كما في المعجمات...
وجاء في مجلة لغة العرب العراقية :
الشهية بمعنى المشتهى أو الشهوة عامية، من الألفاظ التي أولع بها كتابنا العصريون قولهم شهية الطعام. والكلمة عامية وفصيحتها المشتهى والشهوة والشاهية كما جاءت مصرحة في كتب اللغة. على أنه جاء في تاج العروس في مادة شهو: (الشاهية): الشهوة وهي مصدر كالعاقبة) فظن بعض العوام إن فاعلة وفعيلة مما يتعاقب فيهما الإبدال كما هو الحقيقة في بعض الأحيان لكن نسوا إن فاعلة وفعيلة لا تتعقبان في المصادر إلا في ما نقل عنهم.
ولا أحسب الزبيدي (ت 1205هـ) نقلها عن معجم سابق أو شاهد واضح وإنما الظاهر أنها مولّدة من صفة مشتهرة عند أهل الفقه والطب والكلام وغيرها من الفنون يكنّون بها عن الرغبة والشهوة في الإنسان للطعام وغيره. وهي معتمدة عند المعاصرين نحو:
- ما يسميها الطاهر بن عاشور التونسي (1393هـ / 1973م) في تفسيره بالقوة الشاهية للدلالة على الشهوات البشرية، كقوله "فَإِنَّ الْعَقْلَ يَشْتَمِلُ عَلَى شَاهِيَةٍ وَغَاضِبَةٍ وَعَاقِلَةٍ..." وفي موضع آخر قوله: "كَسْرِ الشَّاهِيَةِ بِالطَّعَامِ".
- وفي فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (ت 1389هـ) في كلام من القات جاء "ويضعف شاهية الأكل".
- وفي موسوعة الأعمال الكاملة لمحمد الخضر حسين المغاربي (ت 1377 هـ): (ووجد المجمع المعجمات قد تقتصر في بعض المواد على ذكر المصدر أو الفعل أو الوصف، فوضع المجمع قواعد لتكميل المادة الناقصة، مستمدًا هذه القواعد من أقوال علماء العربية، فإذا وجدنا المعجمات تقول- مثلاً - المؤتنب: من لا يشتهي الطعام، صح لنا أن نسمي علة انقطاع شهوة الطعام "ائتنابًا"، وإذا وجدنا المعجمات تقول: سنَّني هذا الشيء؛ أي: شهى إلي الطعام، صح لنا أن نزيد فيها فعيلاً، ونسمي الدواء الذي يقوي شاهية الطعام سنيناً وإذا وجدنا المعاجم تقول: القامح: الكاره للماء لأي علة، صح لنا أن نسمي علة انصراف النفس عن شرب الماء: "قماحاً").
وصوّب الشهية أحمد مختار عمر في معجم الصواب اللغوي على أساس إقرار مجمع القاهر لها، قال في شهيَّة:
- مثال: عنده شَهِيَّةٌ للطعام
- الرأي: مرفوضة
- السبب: لأن «الـشَّهِيَّة» في اللغة مؤنث «الشهيّ»، فيقال: أطعمة شهية.
- المعنى: شَهْوة
- الصواب والرتبة: -عنده شَهوةٌ للطعام [فصيحة]-عنده شَهِيَّة للطعام [صحيحة]
- التعليق: جاء في التاج: الشهوة: اشتياق النفس إلى الشيء
- ... وقد أجاز مجمع اللغة المصري استعمال «عنده شهية» أي: نفس مشتهية، على تقدير موصوف محذوف، وقد وردت الكلمة أيضًا في الوسيط بمعنى: «الشهوة للطعام»، وقال: إنها مجمعية، ووردت في عدد من المعاجم الحديثة كالمنجد والأساسي.
وذكر ذلك هشّام النحّاس في معجم معجم فصاح العامية وفي مقالات له مثل فصاح العامّة الفصاح في العاميّة الجزائريّة:
شاهية طيبة: عبارة يقولها لك الجزائري حين يراك منصرفاً إلى منزلك وقت تناول الطعام، والشاهية ما يلفظونها هي الفصيحة الواردة في المعجمات. أما الشهية في الفصحى المستعملة فيما يبن المثقفين المشارقة، فمن أخطائنا اللغوية الشائعة التي عالجها النقاد والمدققون اللغويون، ومنهم: الأستاذ محمد العدناني في (معجم الأخطاء الشائعة) "ط1 سنة 1980 بيروت" :
(فالشهية مؤنث الشهيّ، فتقول: هذه أطعمة شهية: على صيغة فعيل التي بمعنى فاعل أو مفعول، وليست اسماً، فالاسم من الفعل: شَهِي يَشهى أو شها يَشهوْ: الشهوة، أو الشاهِية، كما في المعجمات).
ولكن (المعجم الوسيط) ذكر أن الشهية بمعنى الشهوة للطعام محدثة، ثم ذكر في طبعته الثانية أن مجمع اللغة العربية بمصر أقر استعمالها، وتلاه (معجم الأطعمة) الذي أصدره المكتب الدائم لتنسيق التعريب في جامعة الدول العربية، فقال: (الشهية: الشهوة للطعام، appétit).
وهناك عبارة فصيحة أخرى يستعملها الجزائري بلهجته الدارجة إذا رآك بعد تناول الطعام وخصوصاً بعد الإفطار في رمضان: (صحة فطورك)، وقد جاء في (معجم الوسيط): الفَطور: تناول الطعام بعد الإمساك للصيام، والفُطور: تناول الوجبة الأولى في الصباح (مج). فهي إذاً لفظة أقرها المجمع بالضم للفاء بعد أن كانت بفتح الفاء في المعجمات القديمة: الفطور.
[1] نهر الذهب في تاريخ حلب 1-90
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق