‏إظهار الرسائل ذات التسميات آلات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات آلات. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 30 يناير 2019

المِقود في اللهجات العربية

للفرنسية يد في دخول الكثير من التسميات الحديثة إلى مختلف اللهجات العربية، كأسماء المركبات وأجزائها قبل استحداث وإقرار مجامع اللغة العربية مصطلحات تعريبية بديلة مثل سيارة ودرّاجة وكذلك الأمر بخصوص لفظة "مِقْوَد" وهي على وزن اسم الآلة مِفعل نحو مِنجل ومِبرد، وكان العرب قديما يطلقونها على طرف الرسن أو اللجام الذي تربط به الدابة.

لكن العامة لا تزال تسميه بالفرنسية:
- باسم الموجه Guidon (سواء عند المغاربة أو المشارقة)، ويطلق أساسا على مقود الدرّاجات وقد يتعدّى استعماله للسيارة أيضا.
- مقود السيارة الدائري Volant (عند المغاربة).
- المقود أو نظام التوجيه La direction (عند المغاربة والمشارقة).


ومن طريف النكت في الباب ما أطلقته مخيلة بعضهم في السبعينات حول الأخضر غزال رحمه الله (وكان مدير معهد الدراسات والأبحاث للتعريب في المغرب وكانت له الكثير من الحملات للتخلص من العوالق الفرنسية) فيقولون أنه أخذ سيارته يوما إلى الميكانيكي، وطلب منه إصلاح مشكل ما في "المقود"، فلم يفهم الميكانيكي معنى كلمة "مقود". وبعد أن نعته له، قال الميكانيكي: هل تقصد "البولة" (volant)؟ فغضب الأخضر غزال، وأعطاه درسا في أهمية اللغة العربية والهوية الوطنية. وفي الأخير طلب منه أن يفحص السيارة جيدا ويصلح أي مشكل آخر يجده بها، إلى جانب المقود. ولما عاد في اليوم الموالي، تلقاه الميكانيكي، وقال له: كل شيء على ما يرام، أصلحت "المقود"، ووجدت "المحزق" قد انفك قليلا، فأعدته إلى مكانه.[1]

فترجم الميكانيكي العادم (المسمى في الدارجة échappement) بكلمة تعني "المِضرَط" مسايرة له.

الثلاثاء، 7 أغسطس 2018

أصل كلمة كابوس ومسميات المسدس في اللهجات العربية

يُذكر أن الكابوس (الحلم المفزع) يرتبط بالأرامية ܟܒܘܫܐ‏‎ كابوسا. بحيث أن مشتقات كبس بمعنى الضغط هي معرّبة وبذلك يعرفه الوسيط: "(الــكابوس) ضغط يَقع على صدر النَّائِم لَا يقدر مَعَه أَن يَتَحَرَّك قيل لَيْسَ بعربي وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ الجاثوم والباروك والنئدلان". ولذلك نجد له مصطلحا مرادفا له هو ضاغوط الليل.وجذر كبس في العربية ليس بعيدا عن مثيله الآرامي إذ من معانيه المسدّ والتغطية كطمّ الحفر بالتراب وقد يرد بمعنى الاقتحام أو قد يكنّى به النكاح.

كما يمكننا أن نلاحظ شبها آخرا باللفظة اللاتينية incubus (حلم مزعج) وهي من الفعل incubāre بمعنى "الاضطجاع على" (أو حتى بمعنى التحضين ووضع البيض) والانكبوس في الميثولوجيا شيطان يأتي النساء في نومهن. ويقابله  succubus أو "من يضطجع تحت" وهي شيطانة تغوي الرجال في الحلم.



إذا علمنا أن مادة كبس تحمل معنى الضغط أمكن أن نربط المعنى المغاربي لكابوس (مسدس) بالضغط على الزناد (الكبسة). وهي لفظة كانت مستعملة حتى قبل تأثير الاستعمار الفرنسي[1] أي أنها كانت أسلحة تقليدية مثل المسدسات ذات المكبس أو الكابسة Pistolet à percussion ou à piston.

كما استُعمِلت لفظة كابوسة في المشرق أيضا للدلالة على أمور أخرى كمقبض المحراث [محيط المحيط] الذي يضغط عليه الفلاحون لغرز السكّة في الأرض. وقريب منها أيضا بقية الاشتقاقات مثل الكبّاس أو الكبّاسة.

ما يشكل عليّ أني لا أذكر أني صادفت لفظة كبس في اللهجات المغاربية. فهل هي مستعملة؟ أم أنها لفظة كابوس دخلت علينا من المشرق ثم اختفت عندهم؟



أما غيرها من الألفاظ المستحدثة مثل بيسطولي أو بييّة فكلها فرنسية من Pistolet أو PA اختصار لـ Pistolet Automatique. في حين أن بشطولة قد تكون من الإيطالية أو الإسبانية Pistola.

وأما المصطلح المشرقي المعاصر «مسدس» والذي تم إدراجه في الفصحى فيرجع لنوعٍ أحدث من المسدسات كان يتسع لست طلقات.

الأحد، 5 أغسطس 2018

أصل كلمة بابور

بابور (باخرة) لفظة تركية محرفة عن vapeur أي بخار وكانت تطلق على القطارات والسفن البخارية وحتى مواقد الغاز القديمة.

الكلمة الفرنسية 🇫🇷 تعني بخار ولكنها كانت تعني أيضا سفينة بخارية (Un vapeur). ومنها أخذت العثمانية كلمة واپور أو بالتركية الحديثة 🇹🇷 Vapur (سفينة بخارية). ولفظة وابور أو بابور كانت شائعة إلى عهد قريب في المشرق لكنها تتلاشى تدريجيا.


يجدر الذكر أيضا أن كلمة بخار أو بخور العربية قد ترتبط بشكل ما بالكلمة اللاتينية بافور Vapor والتي يُجهل مصدرها على وجه اليقين وإن كان هناك من يفترض أنها من quapor (صيغة افتراضية) تنحدر من الجذر الهندي الأوروبي الافتراضي *kʷep-.



في اللهجات المعاصرة  [بابور/وابور]:
  • البابور في الجزائر وتونس والمغرب تعني الباخرة. [شائعة]
  • البابور في ليبيا هو القطار. [شبه مهجورة]
  • الوابور في مصر هو القطار. [شبه مهجورة] 
  • البابور في مصر والشام والعراق والسودان وتونس أيضا هو مسمى لسخّان تقليدي يعتمد على ضغط بخار كيروسين Primus stove. [شبه مهجورة اليوم في الحواضر]
  • البابور في اليمن له علاقة بالسيارات والشاحنات [للتأكيد].


هناك فرضية أيضا تقول أن أصل بابور هو الكلمة الفرنسية bâbord وهو الجزء الشمالي للسفينة في حين أن هو الجزء الأيمن.


وهذا لا يصحّ، لعدة أسباب، منها أن:

  • المعنى مختلف عن bâbord.
  • كلمة Vapur تعرّبت بشكل متماثل في المشرق والمغرب نحو وابور/بابور بمعنى قطار، قاطرة، محرّكات، ومدافئ.
  • الوثائق والمعاجم الفرنسية من القرن التاسع عشر تعرّف Babor/Babour على أنّه Bateau à vapeur أي سفينة بخارية.

أنقل في الصور التالية مثال مقتطف من مذكرات نشرت سنة 1861م.
Charles Thierry-Mieg, Six semaines en Afrique (1862). p266
Charles Thierry-Mieg, Six semaines en Afrique (1861). p105

الصورة التالية ترجع إلى ثلاثين سنة من دخول فرنسا للعاصمة فقط، وتذكر أن بابور مأخوذة من الفرنسية vapeur، وتذكر لها معاني نحو: محرّك بخاري، سفينة بخارية، سكة حديدية.

فلماذا نتخلّى عن التفسير المباشر وهو معنى السفينة البخارية بالعثمانية وبالفرنسية ونبحث عن معنى بعيد.

يبقى القواميس الفرنسية-الجزائرية الأقدم التي اطّلعت عليها لا يبدو أنها تذكرها بهذا الاسم لعل السبب أن هذا النوع من السفن لم يزدهر إلا في بداية القرن التاسع عشر، يعني في آخر حكم العثمانيين ودخول الفرنسيين.

والاسم المحلّي الذي جاء في تلك القواميس للسفن البخارية كان: شفق النار[1] (ج. شفوق النار). في حين تسمى السفينة بالمركب[2] والقوارب فلوكة والسفينة الشراعية مركب قلاع.[3]

يبقى السؤال هل دخل معنى السفينة إلى لهجات المغرب من هذه الكلمة مع العثمانيين ولم تشتهر أم أنها تعريب مباشر للفرنسية؟

أحسب أنها دخلت من كليهما، على تباين المعاني والبلدان، فالنفوذ في تونس استمر أطول، وقد تكون قديمة الاستخدام في المغرب أيضا. والكلمة العثمانية قد لا تكون قديمة التوثيق عند الأتراك.

[1] L'idiome d'Alger ou Dictionnaires fr-ar / ar-fr, par Théodore Roland de Bussy (1838).
 Dictionaire français-arabe (idiome parlé en Algérie) par Adrien Paulmier (1850). P73.
[2] Dictionnaire de poche français-arabe et arabe-français, à l'usage des militaires, des voyageurs et des négociants en Afrique, par Léon & Henri Hélot (~1847). P41.
[3] Dictionnaire français-arabe de la langue parlée en Algérie, par Belkassem Ben Sedira (1910). P51.