الخميس، 31 يناير 2019

أصل كلمة طفران

تدور معاني كلمة طفران في اللهجات المشرقية حول التضايق والضجر والفقر والإفلاس. وفي ليبيا نُقل فيه معنى الغضب والحنق.

وهي معانٍ لم تعرفها معاجم العربية المتقدمة على غرار الوثب، فيقال: "الطَّفْرُ: وُثُوْبٌ في ارْتِفَاعٍ". وقد حاول مجمع اللغة العربية الافتراضي من خلال تقصّي اللهجات النظر إن كانت هذه المعاني من الفوائت الظنية في المعاجم القديم.


الأربعاء، 30 يناير 2019

المِقود في اللهجات العربية

للفرنسية يد في دخول الكثير من التسميات الحديثة إلى مختلف اللهجات العربية، كأسماء المركبات وأجزائها قبل استحداث وإقرار مجامع اللغة العربية مصطلحات تعريبية بديلة مثل سيارة ودرّاجة وكذلك الأمر بخصوص لفظة "مِقْوَد" وهي على وزن اسم الآلة مِفعل نحو مِنجل ومِبرد، وكان العرب قديما يطلقونها على طرف الرسن أو اللجام الذي تربط به الدابة.

لكن العامة لا تزال تسميه بالفرنسية:
- باسم الموجه Guidon (سواء عند المغاربة أو المشارقة)، ويطلق أساسا على مقود الدرّاجات وقد يتعدّى استعماله للسيارة أيضا.
- مقود السيارة الدائري Volant (عند المغاربة).
- المقود أو نظام التوجيه La direction (عند المغاربة والمشارقة).


ومن طريف النكت في الباب ما أطلقته مخيلة بعضهم في السبعينات حول الأخضر غزال رحمه الله (وكان مدير معهد الدراسات والأبحاث للتعريب في المغرب وكانت له الكثير من الحملات للتخلص من العوالق الفرنسية) فيقولون أنه أخذ سيارته يوما إلى الميكانيكي، وطلب منه إصلاح مشكل ما في "المقود"، فلم يفهم الميكانيكي معنى كلمة "مقود". وبعد أن نعته له، قال الميكانيكي: هل تقصد "البولة" (volant)؟ فغضب الأخضر غزال، وأعطاه درسا في أهمية اللغة العربية والهوية الوطنية. وفي الأخير طلب منه أن يفحص السيارة جيدا ويصلح أي مشكل آخر يجده بها، إلى جانب المقود. ولما عاد في اليوم الموالي، تلقاه الميكانيكي، وقال له: كل شيء على ما يرام، أصلحت "المقود"، ووجدت "المحزق" قد انفك قليلا، فأعدته إلى مكانه.[1]

فترجم الميكانيكي العادم (المسمى في الدارجة échappement) بكلمة تعني "المِضرَط" مسايرة له.

الثلاثاء، 29 يناير 2019

أصل كلمة سيرك

ترجع لفظة سيرك أو سِرك 🎪 في العربية إلى الفرنسية cirque وهي من اللاتينية circus بمعنى دائرة أو حلقة.[1] وقد كانت زمن الرومان تطلق على مبنى بيضوي كبير يضم سباقات الخيل 🐎 والعربات ومختلف العروض.

أصل كلمة طحّان

يذكرون في التأثيلات الشعبية (folk etymology) أن كلمة طحّان وهي مسبّة بعدّة دلالات نحو الانتهازي والمتزّلف والديوث وغير ذلك، ويرجعونها إلى أكياس الطحين التي كانت توضع على وجوه الخونة والمتآمرين مع فرنسا حتى لا يُعرفوا أيّام الثورة الجزائرية.



وفي الحقيقة الكلمة مستعملة من ليبيا إلى أقصى المغرب، وكانت متداولة في القرن التاسع عشر ومذكورة في المعاجم الفرنسية-الجزائرية بمعنى عامل الطحونة[1] وبمعنى الدياثة.

هذه الصورة مقتطفة من معجم يرجع إلى سنة 1850م.
Dictionnaire Français-Arabe: (Idiome parlé en Algérie), Adrien Augustin Paulmier. 1850

مثال آخر من قاموس بلقاسم بن سديرة (1886) يعرّف الطحّان بالديوث "cocu".



ليس هذا فقط بل أن هذا المعنى يبدو أقدم بكثير. فإننا نجده جاء في معجم شياباريلي (1874م) اللاتيني-الأندلسي والذي ترجع أصل مخوطته إلى القرن الثالث عشر ميلادي (مدخل: طحّان / Leno). و leno باللاتينية تعني قوّاد.




ويلخّص رينهارت دوزي ذلك في تكملة المعاجم (1883م) ويزيد أنها لفظة شامية: "طْحَّان: قوّاد، قُمعوت (شياباريلي) من يتخذ القيادة إلى الفحشاء حرفة له (همبرت ص244) وهي من لغة أهل الشام."

وهو ما ينقله هبرت Humbert عن لغة أهل سوريا في معجمه , Guide de la conversation arabe. ou Vocabulaire fr-ar الصادر سنة 1838.
Trafiquant de débauche, طَحّان = مُعرِّص (Syrie).

بهذا نكون فنّدنا كون الكلمة حديثة، يبقى إيجاد أصل هذه الكلمة وإن كانت من "طحن" أصل انتقال الدلالة إليها.

لم أبحث بعد عن أصلها على وجه التحديد، لكني كنت أحمّل أصل معناه في كون الطحّان (عامل الطاحونة) كان في القديم يأخذ نسبة من الطحين لأن الناس ما كانت تتعامل كثيرا بالمال خاصة أهل الزرع والأرياف. فربما صارت من ذلك مرادفا للخسّة والانتهازية وتدرّج المعنى من الاستغلال وحبّ المال إلى التخلّي عن القيم. وما جعلني أذكره أني تذكرت راوية تركية كان اسمها İnce Memed، وأنتجها السوريون لاحقا كمسلسل أسموه العوسج تدور أحداثها في فترة سيطرة الأغوات على الأرض والمزارعين بنظام شبه إقطاعي وكان أحد الشخصيات صاحب طاحونة.

لكن هذا الرأي يبدو ضعيفا بعد أن عرفنا أن معنى الانتهزية ليس بذلك القدم وأن فلك الكلمة كان يدور حول الفاحشة سواء في الأندلس أو الشام.

أترك لكم إثراء الموضوع والتعليق.


[1] J. J. Marcel. Vocabulaire français-arabe du dialecte vulgaire d'Alger, de Tunis et de Marok...: suivi de dialogues et des locutions les plan nécessaries. 1830.

الاثنين، 28 يناير 2019

أصل كلمة سبيطار (مستشفى)

يسمي المغاربة المستشفى سبيطار وهي ليست من الألفاظ التي استقدمها الفرنسيون حديثا، فالكلمة كانت معروفة حتى عند دخول الفرنسيين كما نجدها في معاجمهم للغة الجزائرية.

وربما نُطقت بالـ /p/ أيضا.

Dictionnaire Français-Arabe: (Idiome parlé en Algérie), Adrien Augustin Paulmier. 1850.
Dictionnaire Français-Arabe: (Idiome parlé en Algérie). Adrien Augustin Paulmier. 1850.

ونفس الكلمة كانت شائعة في الجزيرة العربية والخليج بألفاظ نحو سبيتال، سبيتار، سبيتان، لكنها سرعان ما تلاشت بعد التعريب واستعاض الناس عنها بمصطلحات المؤسسات الحديثة نحو مستشفى ومستوصف وعيادة وغيرها. ومازال القلة يستعملونها مثل كبار السن في السعودية والبحرين وقطر. ونقل آخر أنفاسها السعودي العبودي في معجم الكلمات الدخيلة في لغتنا الدارجة.


 وقد افترض أنها إنجليزية، وكذلك فعل علّوب في معجم الدخيل في العامية المصرية بلفظي إزبتالية وإسبتالية. ووافق هذا الرأي الدكتور عبد الرحيم في معجم الدخيل في اللغة العربية ولهجاتها (2011). بصيغة إسبتار (في فلسطين).


وفي الشام كما نقل لنا خير الدين الأسدي في موسوعة حلب المقارنة:
السبيتال: من الإيطالية ospedale عن اللاتينية Hospitalis. 
وأقر مجمع دار العلوم بمصر أن يسمى المستشفى: الأسبيتال. 
وجمعوه على: الأسبيتالات.

قد يتباين أصل وتاريخ دخولها إلى مختلف اللهجات، لكن أصولها الأوروبية تجتمع كلّها في اللاتينية: hospitālis بمعنى مضافة أو ملجأ. وهو نفسه ما أعطى الفرنسية Hôpital و فندق Hotel و ضيافة hospitalité وأعطى الإنجليزية Hospital.

وربما كان للعثمانية اسپتاليه / اسپتاليا ispitalya بمعنى مستشفى دورا في دخولها إلى كثير من هذه اللهجات.

وقلب اللام راء في وزن هذه الكلمة يبدو قديما، فقد برز في القرون الوسطى ومن القرن العاشر ميلادي  إلى عهد قريب منظومة صليبية يسمون الإسبتارية أو فرسان مستشفى القديس يوحنّا.

ومثلها كلمة ambulance و automobile فإن المغاربة حافظوا على هذه الكلمات وزادوا عليها كلمات فرنسية بينما عرّبها المشارقة وزاد كلّ إلى رصيده ما جانسه.

وقد عرفه العرب قديما باسم البيمارِستان أو المارِستان أي دار المرضى وهي لفظة معرّبة من الفارسية  بيمار أي مريض وستان أي موضع.

للمزيد من المعلومات حول المستشفى في اللهجات العربية، يمكن مراجعة أطلس اللهجات العربية مثل: Wortatlas der arabischen Dialekte By Peter Behnstedt, Manfred Woidich.

للتمثيل لا الحصر نعيد ذكر بعضها:
- كل الدول المغاربية: سبيطار (مع تباينات بسيطة في المد)
- مالطا: sptar / isptar
- التركية العثمانية: اسپتاليه
- مصر: أسبيتال، إسبِتاليه، إزبِتاليه
- السودان: إسبِتاليه
- سوريا: سبيتال
- فلسطين: إسبتار، سبتار، إصبطار، سبطار
- الخليج (مثل السعودية، قطر، الإمارات، عمان): سبيتار، سبيتال، سبيتان، إسبيتار*
- اليمن [للتأكيد]: إصطبان، أوسبيطال (تبدو حديثة)

والله أعلى وأعلم.

الأحد، 27 يناير 2019

أصل كلمة الشيرة

 ترد لفظة الشيرة بمعاني متعددة نذكر منها:
1- بمعنى عسيلة السكر: وهي ذات أصول فارسية من شيره بمعنى الدبس أو عصير/عصارة بعض الفواكه دخلت إلينا مع العثمانيين الأتراك (بالعثمانية شيره / التركية الحديثة: şira). كما دخلت الكلمة الفارسية إلى العربية قديما ولذلك أثار في التراث العربي وقد تدخل كأسماء مركّبة أيضا للدلالة على صمغ شجر ما أو عصارة نبتة معينة.
2- بمعنى المخدرات أو الحشيش (القنب الهندي): وهو معنى آخر استعمله الأتراك قصدوا به النبيذ قبل التخمر التام والأيفيون المفلتر أو مستحضر الحشيش وهذا لقلة أثر تسكيره.
  • نقلها دوزي في تكملة المعاجم العربية: "شِيَرة (شِيرَة): مستحضر الحشيشة" (من كتاب لين عادات المصريين الحديثة، الجزء الثاني ص 40 /  Lane, Manner and Customs of the Modern Egyptions الطبعة الثالثة، لندن 1842).
  • يمكن البحث في معاجم مغاربية من الحقبة الاستعمارية أيضا.

3- بمعنى بنت: يُذكر أنها من أصل أمازيغي، من مذكّر يشير (icirr). وقد تكون من غير ذلك، كقولهم: (امْرأةٌ شَيِّرَة) أي حسنة الشارة والهيئة.

السبت، 26 يناير 2019

أصل تسمية بوزلوف

يرد البعض أصل تسمية الأكلة المعروفة بـ بوزلّوف إلى قصة أول عملية إعدام بالمقصلة لجزائري كان اسمه عبد القادر بن زلوف بن دحمان سنة 1842م.[1]

وهذا لا يصحّ لأن الكلمة بمعانيها التي نعرفها موثّقة وواردة في كثير من منشورات تلك الحقبة[2] من مناطق مختلفة وبألفاظ متباينة (نحو: زلّوف، بوزلّوف، زلّيف) مما يدلّ على شيوعها آنذاك. وهي ليست محصورة في الجزائر وإنما كذلك شائعة في المغرب الأقصى.


ويرتبط «الزلّوف» أو «الزلّيف» بالفعل الدارج زلّف بمعنى شوّط/شيّط والذي يبدو أن دلالته تعدّت لتصير علما على رأس الذبيحة وأطرافها. ويصنّف جذر "زلف" في الجذور الأمازيغية بمعنى الحرق أو تشييط الجلد والشعر، وهي عملية أساسية قبل تحضير الطبق.

وفي تونس يسمّونه راس العلّوش (إن كان غنمي)، ويسمون الأكلة التي تحضّر من الأطراف (الأكرُع)
 الهركمة.

هناك أيضا من يقترح ردّ لفظة زلّيف إلى العثمانية zülüf بمعنى غرّة الشعر أو الشعر المسدول على الجوانب وهي من الفارسية زلف بمعنى مقارب. وهذا الرأي يحتاج إلى إسناد في استعمال مماثل أو حلقة وصل في المعنى محليّا.

وهذا كلّه غير موّال بو زلوف أو أبو الزلف هو من الزجل الشعبي المشرقي. وفي سلطنة عمان أبو زلف شيء نحو الرقص والأهازيج الشعبية.



[2] Adrien Augustin Paulmier, Dictionnaire Français-Arabe: (Idiome parlé en Algérie). 1850. "bou zellouf tête de mouton" 

وذكرها دوزي في تكملة المعاجم العربية (1883) من خلال المصدرين التاليين:
  •  زَلَّوف: رائحة الصوف المحرق والجوخ (من شيرب 1849)
    • Cherbonneau, Définition lexigraphique de plusieus mots usités dans le langage de l’Afrique septentrionale. في الجريدة الآسيوية 1849، 1 ص63 – 70 و537 – 551.).
      • "zellouf: odeur de laine ou de drap brûlé; roussi"
  • زَلِّيف: رأس الخروف المسلوق المتبل بالخل والملح والثوم (نقلا عن كتاب دوماس: حياة العرب (1869) ص251).
    • Daumas, La vie arabe et la société musulmane. 1869.
وفي غيرها من المؤلفات والمجالات والمعاجم كثير أذكر على سبيل التنويع:
  • Cours d'arabe vulgaire, A. Gorguos 1849
    • ذكر الزلوف وذكر أن بوزلوف تطلق على الرجل أيضا الذي يشبه رأسه رأس الكبش، وهذا شيء شهدته في صغري فكان أحدهم يُنادى زلّوفة لشيء مماثل.
  • كما وردت أيضا في تقرير صحراوي (1863)
كما تواتر ذكرها في المعاجم اللاحقة.